• qsmk@soyqirim.az
  • (023)336-37-07
"سور الصين العظيم "

يُعد سور الصين العظيم واحدًا من أهم المعالم المعمارية القديمة في العالم، و يقع في شمال البلاد. بُني هذا المعلم كسلسلة من التحصينات الدفاعية بهدف الحماية من هجمات القبائل البدوية المحاربة، و أيضًا لتحديد حدود الدولة. و في العصر الحديث، أصبح السور نفسه أثرًا تاريخيًا محميًا من قبل الدولة، كما يُعد إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة.
بدأ بناء سور الصين العظيم في القرن الثالث قبل الميلاد، و استمر تقريبًا لمدة ألفي عام حتى عام 1644م. في البداية، قامت الممالك الصغيرة المتفرقة ببناء جدران دفاعية على طول حدودها. و لكن خلال الفترة ما بين عامي 230 و 221 قبل الميلاد، و بعد أن قام الإمبراطور تشين شي هواندي بتوحيد هذه الممالك و إنشاء إمبراطورية واحدة، أمر ببناء سور على طول الحدود الشمالية للدولة الجديدة. شارك في هذا المشروع نحو مليون شخص، أي ما يعادل 20% من سكان الصين في ذلك الوقت. و كانت أبرز الصعوبات تتمثل في تشييد السور عبر تضاريس غير متساوية، حيث كان لا بد من مواءمة مسار السور مع المناظر الطبيعية الطبيعية – من مرتفعات و وديان – مما جعل السور يتميز بهيكله الفريد من نوعه.
يُعد حجم سور الصين العظيم مذهلاً: إذ يبلغ طوله حوالي 9 آلاف كيلومتر، و مع جميع فروعه يتجاوز طوله 21 ألف كيلومتر. يتراوح عرضه في مختلف الأقسام بين 5 و 7 أمتار، وارتفاعه ما بين 6 و 16 مترًا. و يتكون السور من أبراج، نقاط حراسة، و قلاع متصلة ببعضها عن طريق الجدران. كما شُيدت فيه 12 بوابة كانت تُستخدم لأغراض الرقابة الحدودية و التجارة. في فترات مختلفة، وُجد على السور ما يصل إلى 25 ألف برج إشارة. و قد بُنيت أقدم أجزائه من خليط من التراب و الطين و القش و القصب و الحجارة، و فيما بعد استُخدمت ألواح حجرية لتغطية الطبقات العليا، ثم أصبح يُستخدم الطوب المشوي بشكل أساسي في القرنين الرابع عشر إلى السابع عشر.
و بحسب بعض المصادر، فقد فقد حوالي مليون شخص حياتهم خلال بناء السور. و هذا الرقم مروع، خاصة عند الأخذ في الاعتبار أن جميع الأعمال تمت يدويًا و بدون أي معدات حديثة، مما أدى إلى وفاة الآلاف من العمال نتيجة الجوع و الأمراض و ظروف العمل القاسية. و تشير التقديرات إلى أن وفاة شخص واحد قد حدثت لكل 30 مترًا من السور. و لهذا، لا يُعد سور الصين العظيم مجرد رمز لقوة الإمبراطورية، بل أيضًا تذكارًا لأولئك الذين فقدوا أرواحهم أثناء بنائه.
و وفقًا للأسطورة، فقد دُفن العديد من العمال الذين ماتوا خلال البناء داخل السور أو بالقرب منه، مما دفع البعض لتسميته “أكبر مقبرة في العالم”. بل إن هناك من يعتقد أن السور قد تحول إلى شاهد قبر عملاق، و كل حجر فيه يحمل ذكرى أحد المتوفين.
إن سور الصين العظيم ليس مجرد عمل معماري فريد، بل يُجسد عظمة عصرٍ كامل و تضحياته. فهو لا يعرض فقط قمة الإنجازات الهندسية في الصين القديمة، بل يذكرنا أيضًا بالصعوبات و التضحيات التي رافقت بناءه. و اليوم، يُصنف سور الصين العظيم كجزء من التراث العالمي، و يحفظ في طياته الذاكرة التاريخية للأجيال. و يظل يجذب ملايين السياح كرمز أبدي لجهود الإنسان و صبره و رغبته في حماية وطنه.

Paylaş

Spread the love