رسوم صخرية قوبوستان

تقع منطقة قوبوستان على بُعد نحو 60 كيلومترًا من مدينة باكو. وقد عُثر في كتل بويوكداغ، كيجيكداغ وجينجيرداغ على نقوش صخرية محفوظة منذ آلاف السنين. وتُعد الرسوم الصخرية في قوبوستان من أبرز نماذج التراث التاريخي والثقافي الغني للشعب الأذربيجاني.
تُنسب النقوش الصخرية في قوبوستان إلى فترات زمنية مختلفة تمتد من الألفين العاشر والثامن قبل الميلاد وحتى العصور الوسطى. ومنذ عام 1939، بدأ العالم إسحاق جعفرزاده، بمشاركة ج. رستموف، ف. مرادوفا وغيرهم من علماء الآثار، أوّل الدراسات الأثرية حول نقوش قوبوستان. ومنذ ذلك الحين، كشفت الحفريات الأثرية عن أكثر من سبعة آلاف رسم على الصخور، إضافةً إلى مواقع سكنية قديمة، وكهوف، وحوالي أربعين كُرغانًا، وقطع أثرية تعود إلى العصر الميزوليتي، وأكثر من مائة ألف قطعة من الأدوات المادية و الثقافية.
إن ما يثير الاهتمام بشكل خاص هو أن الرسوم الصخرية في قوبوستان تمثل شاهدًا فريدًا على أسلوب حياة البشرية قبل آلاف السنين، وعلى عالمها الفكري وتطورها الثقافي. فهذه النقوش، التي تتضمن مشاهد صيد، وأشكال حيوانات مختلفة، وصور بشرية، ورقصات، وطقوس دينية، ورسومات للسفن، تُظهر أن سكان قوبوستان القدماء كانوا يمارسون الصيد، وتربية الحيوانات، وصيد الأسماك، كما نقشوا عاداتهم وتقاليدهم على الصخور. وتدل صور الرجال والنساء الراقصين على احتفالاتهم ومناسباتهم المشتركة، فيما تؤكد رسومات السفن أن الإنسان القديم استخدم بحر قزوين للسفر والصيد. بل إن بعض الرسوم تضم رموزًا كونية مثل الشمس والقمر. كما عُثر هنا على نقش لاتيني قديم محفور على الحجر يعود إلى أواخر القرن الأول الميلادي، مما يدل على أن قوبوستان كانت واقعة على طريق الحضارات المختلفة.
وبناءً على ذلك، فإن الرسوم الصخرية في قوبوستان تمثل نموذجًا نادرًا لذاكرة شعبنا التاريخية القديمة، وتراثه الثقافي، وفكره الفني. فهي كنز لا يُقدَّر بثمن يساعدنا على فهم ماضينا عن قرب ونقله إلى الأجيال القادمة، كما أنها متحف حي يثبت للعالم أن لأذربيجان جذورًا عريقة وغنية في التاريخ.
و في عام 2007، أُدرجت رسوم قوبوستان الصخرية في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهو ما يُعد اعترافًا دوليًا بتاريخ أذربيجان العريق. واليوم يجذب محمية قوبوستان التاريخية-الفنية الوطنية اهتمام الزوار ليس فقط من مواطني أذربيجان، بل أيضًا من السياح القادمين من مختلف أنحاء العالم.
Paylaş