برج العذراء (قِز قالاسي)

يُعَدّ برج العذراء من أقدم و أسرار المعالم التاريخية في باكو، و له أهمية خاصة من الناحية التاريخية و المعمارية. يبلغ ارتفاعه 28 مترًا و يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من إتشرى شهر (المدينة المسوّرة القديمة لباكو). يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الثاني عشر الميلادي، و يستند هذا الرأي إلى وجود حجر منقوش بالخط الكوفي على جدار البرج كُتب عليه “قُبّة مسعود بن داوود”. غير أنّ بعض الباحثين يعتقدون أنّ هذا الحجر أُضيف لاحقًا إلى جدار القلعة، لأنه ليس موضوعًا فوق المدخل الرئيسي، بل في الجهة الجانبية من البناء و على ارتفاع يقارب 14 مترًا عن سطح الأرض. و يرى بعض المؤرخين أنّ هذا الحجر ربما كان شاهدة قبر استُخدمت لاحقًا لسد إحدى نوافذ البرج أثناء الترميم، أو وُضع للدلالة على اسم أحد البنّائين المشاركين في أعمال الترميم.
وفق نظرية أخرى، فإنّ بناء برج العذراء يعود إلى عصور أقدم، و تحديدًا إلى المرحلة الزرادشتية، حيث يُحتمل أن يكون معبدًا ناريًا أو مكانًا للطقوس الدينية للزرادشتيين. و تشير الدراسات إلى أنّ البرج ربما شُيّد في القرنين الثامن–السابع قبل الميلاد بتأثير المعابد البرجية في كاسبيانا و ميديا، على ساحل بحر قزوين، في المدينة القديمة المعروفة بـ “أتشي باغوان” أي “مدينة النار”. بينما يقارن باحثون آخرون الخصائص المعمارية للبرج بقلعة “تشراق قالا” و نظام التحصينات في “غيلغيل تشاي”، و يرون أنّه قد بُني في القرنين الخامس–السادس الميلاديين، أي في عهد الإمبراطورية الساسانية، كجزء من منظومة الدفاع في منطقة ألبانيا القوقازية.
تعرّض برج العذراء عبر القرون لأضرار جرّاء الحروب و الدمار، و قد أُعيد ترميمه عدة مرات. و خلال العصور الوسطى، أدّى البرج دورًا مهمًا في حماية مدينة باكو مع أسوارها الدفاعية. و في منتصف القرن التاسع عشر، جرى ترميمه على يد العسكريين الروس، ثم أُعيد ترميمه ترميمًا شاملًا في ستينيات القرن العشرين.
منذ عام 1964، بدأ البرج يعمل كمتحف، و في عام 2000 أُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو. و يُعَدّ اليوم أحد الرموز الوطنية لأذربيجان، حيث جرى تصويره في فترات مختلفة على الأوراق النقدية الوطنية.
Paylaş